01 October 2007

في اليسار

عبد السلام بنعبد العالي

لا يحدد ج. دولوز الثنائي يسار/يمين بربطه على نحو مباشر بالسياسة ولا حتى بالأخلاق. انه يعرّفه تعريفا بصريا، ويجعله أساسا مسألة منظورات. قضية اليسار واليمين هي قضية إدراك وقضية منظورية. هناك طريقتان لتمثل العالم وقضاياه: طريقة ترى الأبعد عبر الأقرب، والكل عبر الجزء، والموضوعي عبر الذاتي، والعمومي عبر الخصوصي، والأقلي عبر الأكثري...وطريقة مخالفة تسعى إلى أن ترى الأمور من منظور معاكس.


هناك نظرة يمينية تنطلق من دائرة الفرد كي ترى عبرها دائرة الحي فدائرة المدينة فدائرة الوطن فدائرة العالم، أما الأخرى فزاوية نظرها مخالفة. في المنظور اليساري تغدو قضايا العالم هي قضايا الوطن، و قضايا الوطن هي قضايا الفرد. هنا ينظر إلى الأمور لا بهدف تكريس نموذج الأكثرية، وإنما استجابة لصيحة الأقليات.

اليسارية سعي للانفلات من قبضة النموذج الأكثري بهدف إسماع صوت الأقليات: صوت النساء ضد نموذج الذكورة، صوت الألوان الأخرى ضد النموذج الأبيض، صوت المحرومين ضد نموذج الهيمنة...

اليسارية ليست مؤسسة نخدمها، وهي ليست موقفا نتخذه. إنها منظور وحركة وهجرة. لكن الهجرة الحق لا تكون إلا "داخل" الأوطان.


من الأوان

No comments: